قال الله تعالى قضاء حوائج الناس عظيم ورضا(قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم))53 سورة الزمر
يقول الشيخ محمد الشعراوي رحمة الله عليه : " الإسراف هو تجاوز الحد ،، والإسراف على النفس يعني أن هذا الإسراف عاد على النفس بالوبال ،،
الإسراف على النفس يكون في شر يعود عليها
أما الإسراف للنفس فهو في شيء ينفعها مثل
الإسراف في الزكاة والصدقة هو إسراف للنفس وليس عليها
حيث سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة عن الشاة التي أهديت لها .. دخل فقال : ماذا صنعت بالشاة ؟
قالت : كلها ذهب إلا كتفها (حيث كان الرسول عليه السلام يحب لحمة الكتف فأبقتها له) فقال : يا عائشة كلها بقي إلا كتفها .
وسأل رجل الإمام علي : أريد أن أعرف نفسي هل أنا من أهل الدنيا أم من أهل الآخرة ؟
قال جواب هذا السؤال ليس عندي بل عندك . قال : كيف ذلك ؟
قال : إذا دخل عليك رجلان أحدهما اعتاد أن يأتي لك هدية والآخر اعتاد أن يطلب منك حاجة أو معونة
فانظر إلى أي منهم تبش وترحب .. فإن رحب بالذي يأتيك بهدية فأنت من أهل الدنيا لأنك تحب من يعمر لك دنياك أما إن رحبت بمن اعتاد أن يطلب منك حاجة أو معونة فأنت من أهل الآخرة لانك تحب من يعمر لك ما تحب والذي يأخذ يعمر لك أخراك ."
وقد قال عليه الصلاة والسلام :
(أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم،
أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعا، ولأن أمشي مع أخي المسلم
في حاجة أحب إليّ من أن اعتكف في المسجد شهرا، ومن كف غضبه ستر الله عورته،
ومن كظم غيظا، ولو شاء أن يمضيه أمضاه، ملأ الله قلبه رضا يوم القيامة، ومن مشى مع
أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له، أثبت الله تعالى قدمه يوم تزل الأقدام، وإن سوء الخلق
ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل). صححه الألباني .
إن قضاء حوائج الناس من أفضل الأعمال وأكثرها تقرباً إلى الله سبحانه وتعالى بشرط أن لا يتبعها منة ولا أذى ..
وكما قال رسول الله عليه الصلاة والسلام :" ابتسامتك في وجه أخيك صدقة" وليتخيل كل منا نفسه في وضع المحتاج وليشعر أنه في مكانه بكل ما يحمل من مشاعر انكسار وضعف فماذا يتمنى المرء في هذه الحالة إلا وجها بشوشاً وابتسامة مطمئنة وسعياً صادقاً وحثيثاً لمساعدته وقضاء حاجته. وليتذكر كل منا أنه عرضة لهذا الموقف وأن الإنسان يعود من بعد قوة إلى ضعف سواء من كبر سن أو مرض أو فقدان أهل أو أحباب أو خسارة مال وإلى آخره من الأمور التي تضعف الإنسان وتجعله بحاجة إلى يد بيضاء تمد له العون وإخاء صادق في الإسلام .
أمثلة من السلف في حرصهم على قضاء حوائج الناس :
1) كان بكر الصديق رضي الله عنه يحلب للحي أغنامهم ، فلما استُخلف قالت جارية منهم : الآن لا يحلبها ، فقال بكر : بلى وإني لأرجو أن لا يغيرني ما دخلت فيه عن شيء كنت أفعله
2) وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتعاهد بعض الأرامل فيسقي لهن الماء بالليل . ورآه طلحة بالليل يدخل بيت امرأة . فدخل إليها طلحة نهارا فإذا عجوزا عمياء مقعدة ، فسألها : ما يصنع هذا الرجل عندك؟ قالت : هذا له منذ كذا وكذا يتعاهدني ، يأتيني بما يصلحني ويخرج عني الأذى . فقال طلحة : ثكلتك أمك يا طلحة ، عثرات عمر تتيع؟!
3) وكان وائل يطوف على نساء الحي وعجائزهم كل يوم فيشتري لهن حوائجهن وما يصلحهن
4) وقال مجاهد : صحبت ابن عمر في السفر لأخدمه فكان يخدمني أكثر
5) وكان حكيم بن حزام يحزن على اليوم الذي لا يجد فيه محتاجا ليقضي له حاجته . فيقول : ما أصبحت وليس ببابي صاحب حاجة ، إلا علمت أنها من المصائب التي أسأل الله الأجر عليها.